بإعلان العائلة الليبرالية عن تحالف سياسي مع أحزاب اليسار كالحزب العمالي والإشتراكي واليسار الأخضر بالإضافة إلى حزب الفضيلة تكون العائلة الليبرالية التي تمثل وسط اليمين قد عززت موقعها في الوسط بتوسيع تحالفها يسارا.
تعاني الساحة السياسية منذ أكثر من 20 سنة من التخمة في الأحزاب السياسية التي تتحرك في الساحة فهناك أكثر من 36 حزب التي لا مبرر لوجود معضمها بإعتبار أن التعامل مع مشاكل المغرب لا يقتضي 36 برنامج أو قراءة أو حتى حل لما هو مطروح. في جميع دول العالم، وخصوصا الديمقراطيات الغربية، هناك عائلتين سياسية كبيرتين أو ثلاث عائلات هي التي تحتكر المشهد السياسي العام، فإما يمين يسار أو يمين وسط يسار. المغرب بكثرة المشروعيات والصراعات الشخصية بين القادة والطموحات الشخصية كثرت الأحزاب، ولكنها عندما تتوجه للمواطن فهي تطرح برامج متشابهة حتى أن الناخب يتيه في إختيار اللون الذي يريد أن يقترن به سياسيا ،وأصبح يفضل أن يصوت للشخص بعيدا عن خلفيته الحزبية. لقد دابت الأحزاب وتراجعت لفائدة الأعيان الذين أصبحوا يشكلون ماكينة انتخابية تستأ سد حتى على الأحزاب التي تنتمي إليها
يتذكر الجميع أن الحسن الثاني رحمه الله عندما فقد صبره قبل أن يخاطب الأحزاب ويطلب منها بناء ثلاثة إلى أربعة تقاطبات تجمع العائلات الحزبية الكبرى حتى يسهل الفرز في نفس الآن على الناخب وعلى المتتبع
غير أن الأحزاب لأسباب خاصة بها فضلت ألا تبدل أي مجهود في هذا الإتجاه حتى تستعيد الأحزاب الصغرى التي انبتقت من رحمها وظل الأمر مطروحا ولم تجد حلا، وكلما اقتربت مواعيد الانتخابات تكيل الأحزاب الكبرى أو الأنوية الكبرى للعائلات السياسية الإنتقاد إلى وزارة الداخلية، وتطلب منها أن ترفع العتبة حتى تفصل بقرار إداري الأحزاب الصغرى من المؤسسات التمثيلية متناسية أن محاربة البلقنة السياسية لا تأتي ولن تأتي بقرار إداري، وأن الأحزاب السياسية مطالبة اليوم وغدا بتحمل مسؤولياتها في أحد اتجاهين، فإما أن توسع من امتداداتها الجماهيرية حتى تسحق بالمشروعية الشعبية وصناديق الاقتراع الأحزاب الصغرى، وإما أن تقوم بالمبادرة وتجمع في إطار التوافق الأحزاب السياسية الصغرى حتى تدوب داخل عائلتها السياسية الأصلية بالتدرج، وذلك عن طريق تحالفات سياسية منضبطة قابلة للحياة
الآن وفي غياب أي مجهود من أجل تأهيل الحقل الحزبي الذي لا زال مقتصرا على قطب الكتلة التي خرج منها أكثر من خمسة أحزاب، تحملت أحزاب وسط اليمين مسؤوليتها وبادرت إلى تجميع جزء من الحقل السياسي الليبرالي بل أكثر من ذلك انفتحت على جزء من العائلة الإشتراكية مما يؤهلها للعب دور طلائعي فيما بعد مغرب 25 نوفمبر على الأقل في مجال عقلنة المشهد الحزبي.
استرجاع ثقة المواطن و الناخب في نفس الآن تبدأ أولا بعقلنة المشهد الحزبي و إقرار صارم للآليات الديمقراطية الداخلية من أجل تجديد آلي للنخب السياسية التي تبقى شرطا ضروريا لبناء مؤسسات تمثيلية جديدة و صلبة تتمتع بمصداقية لدى الشارع و لدى الدولة، قادرة على فرز حكومة مبنية على تحالفات منسجمة تتبنى معالجة واضحة و واقعية للملفات الكبرى
الديمقراطية الحقيقية تبنيها الأحزاب و تنتكس عندما تتنازل الأحزاب عن دورها، أما القوانين الإنتخابية و التقطيع الإنتخابي فهي آلية لا تبيح إلا إطار المنافسة و على الأحزاب الكبرى ألا تعول عليها كثيرا من أجل تقوية حضوضها بديكتاتورية مقتضيات إجراء العتبة الإقصائية التي تقصي عمليا إرادة أربعين في المائة من الناخبين لفائدة أحزاب اثنى عشرة في المائة فما فوق
أكورا بريس: بواب محراب أكورا