يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
في الوقت الذي تطيح الحركات الديمقراطية بالأنظمة الاستبدادية بالشرق الأوسط، تشق الأحزاب السياسية طريقها باتجاه الفضاء السياسي الجديد، وهو ما يجعل العديد من الأمريكيين يدقون ناقوس الخطر لأن الإرهابيين الذين فجّروا برج التجارة العالمي يوم 11 شتنبر 2001 هم من أتباع الفكر الإسلامي.
هناك الكثير من المتتبعين داخل وخارج الشرق الأوسط يعبرون عن قلقهم من أن تتأثر حقوق المرأة وحقوق الأقليات وحرية التعبير في حال وصل الإسلاميون إلى السلطة (قلق تزداد درجته كلما ترددت إلى مسامع هؤلاء كلمة الشريعة الإسلامية)، غير أنه سيكون من الخطأ أن نخلط بين إرهابيي 11 شتنبر والأحزاب الإسلامية بالمنطقة، فالعدالة والتنمية بتركيا حزب إسلامي، لكنه يلتزم بروح الديمقراطية ويحارب الإرهاب.
ولفهم ما يجري اليوم بالشرق الأوسط، يمكن لنظرة تاريخية إلى الوراء أن تساعدنا على ذلك.
بعد الحرب العالمية الثانية، حكمت الأحزاب الوطنية والعلمانية العديد من الدول العربية بعد حصول هذه الأخيرة على الاستقلال، حيث كانت هذه الأحزاب بعد ظهورها تحارب الاستعمار، في حين اتبعت العديد منها أجندة سياسية مبنية على العدالة الاجتماعية، ومع مرور الوقت، تجاوزت رغبتُها في الحفاظ على مقاليد السلطة مبادئها، لتُحكم قبضتها على النظام السياسي وتحتكره، وتزج بالمعارضين في السجون وتغرق في الفساد.
تونس، مهد الربيع العربي، كانت قبل أيام على موعد مع الانتخابات، التي فاز بجل مقاعدها حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية، وفي مصر، التي تضم أكبر كثافة سكانية بين الدول العربية، من المتوقع أيضا أن يحقق “الإخوان المسلمون” الفوز خلال الانتخابات المقبلة. وفي ليبيا، وبعد أيام من مقتل معمر القذافي أعلن زعيم المجلس الانتقالي الليبي أن الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيسي للتشريع الجديد. هذه الأحزاب تعلم مسبقا أن “السياسة الحقيقية” تختلف كثيرا عن مجرد معارضة النظام، وأن تصريحاتها وكل ما ستقوم به ستكون لها عواقب، مثلا حين أصدرت حركة “الإخوان المسلمون” بيانا حول ملابس النساء السائحات، تم الضغط على هذه الحركة لتخفف من لهجة بيانها وتوضحه بشكل كبير، وذلك بعد أن تقدم مكتب السياحة المصري بشكوى في هذا الموضوع.
والآن وبعد دخول هذه الأحزاب للعبة السياسية، ترى كيف سيكون تجاوب أمريكا مع هذا المعطى الجديد؟
أولا، وبما أنه ليست لدينا فكرة أكيدة عمّن يكون هؤلاء الزعماء الجدد، مع أننا نعلم مسبقا أنهم ليسوا المتطرفين الذين هاجموا أمريكا خلال 11 شتنبر. نحن على دراية أن جميع الدول تنخرط في عملية تحديد الدور الذي يلعبه الدين في المجتمع، وهي العملية التي تتواجد هذه الديمقراطيات الجديدة في خضمها، لذا لا يجب علينا أن نخلط بين الإيمان بدين ما ودعم التطرف العنيف.
يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تحكم على الزعماء الصاعدين من خلال طريقة حكمهم وليس من خلال هويتهم الدينية، وسوف يكون لدينا الحق في إبداء قلقنا إن دعمت هذه الأحزاب السياسات التفريقية التي تخرق الحرية الدينية وتفسد الأسس الأخرى للديمقراطية الحقيقية، كما أن الزيغ عن هذه المبادئ والقضاء على الطغيان ليحل محله طغيان من نوع آخر من شأنه أن يؤدي إلى حصول كارثة.
لكن لنحتفظ بالأمل، فالحكم ليس بالمهمة السهلة، فحتى الحكام الأكثر صرامة وتعصبا يمكن لهم أن يعتدلوا في مواقفهم حين تواجههم الحقائق التطبيقية لبناء مجتمعات جديدة.
وأخيرا، يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تجذب إليها هذه الحكومات الجديدة، سواء كانت دينية أو علمانية، ذلك أن لا أحد يعلم كيف سينتهي هذا الربيع العربي. لكن يمكننا بالمقابل أن ندعم المبادئ والمصالح الأمريكية إن حصلنا على فرصة للقيام بذلك.
بقلم كيث ويلسون: Washington Post – ترجمة نبيل الصديقي