يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
شيء ما يقع بالشرق الأوسط، فالدول التي كان من المستحيل الاعتقاد أنها ستشهد تغيرات، هي الآن تغلي وتشتعل. أجل هناك شيء ما يقع بالدول التي لم يحدث بها شيء منذ آلاف السنين، حيث صارت تعيش على إيقاع كلمات الأمل وأوقات الخوف وأمسيات الفرحة وليالي الإحباط التام.
المسيرات السلمية التي تنظم بالمغرب بعيدة كل البعد عن المواجهات المميتة بسوريا، وجحافل المتظاهرين التي اقتحمت شوارع القاهرة وطرابلس وصنعاء ودمشق وعمّان، بل وحتى المملكة العربية السعودية بدأت فرائصها ترتعد على بسبب خطابات التغيير والحرية. فالرؤساء الذين كنّا نعتقد أنهم آمنون فوق كراسيهم، والذين كانوا يحضّرون لتمرير السلطة إلى أبنائهم قد تم طردهم، حيث سقطت أنظمة بن علي وحسيني مبارك والقذافي وصالح، فيما لا زال بشار الأسد بصدد رسم الطريق التي ستقوده خارج السلطة.
ولعل جولة بين هذه المناطق يحيلك إلى أن هناك تاريخا ما يُصنع، حيث صارت شعوب المنطقة سيدة قرارها، غير أن التطلعات تبقى كبيرة بعيدا عن التنديد بالسياسات والمطالبة بوضع اقتصادي أحسن. ترى ماذا تريد الشعوب العربية؟ إنها تريد التغيير الحقيقي، الإصلاح الحالي وفرصا متكافئة في ملاحقة السعادة.
هنا مدينة العيون، يركّز رجل أعمال عينه على شاشة التلفزة، ويقول “سوف يكون التغيير والإصلاح أمرا جيدا لعالم الأعمال…هنا لم تكن الأوضاع يوما ما مثل تونس أو مصر أو ليبيا، لكنني أظن أنه بمقدورنا القيام بتغيير حقيقي…أود أن أرى نهاية الفساد الذي يؤثر على تجارتي”.
منذ توليه عرش المملكة، أعطى الملك محمد السادس معنى جديدا للملكية، حيث صالح بين العرش والشعب وقام بتعويض المعتقلين السياسيين السابقين عن “سنوات الرصاص”. وفي عهده حصلت المرأة المغربية على جميع حقوقها وانخفض معدل الفقر وتطورت البنية التحتية، كما أن الاستثمارات الأجنبية وصلت إلى معدل كبير، وتم تخصيص العديد من المشاريع لإسكان للفقراء والطاقات المتجددة والفلاحة.
حين نأتي على ذكر الربيع العربي، فالمغرب، وبدون شك، يبقى حالة استثناء. فقد تم إجراء العديد من التغييرات في زمن قياسي. غير أن هناك عملا شاقا لا زال ينتظر المغاربة في الوقت الذي يستعد حزب العدالة والتنمية لتسيير شؤون المغرب، وهو يحمل فوق عاتقه حمولة ثقيلة من الأماني غير المعقولة. وقصد ضمان نجاح تجربته الديمقراطية، فالمغرب بحاجة ضرورية لدعم حلفائه الغربيين، مع الإشارة إلى أن المبعوث الأمريكي للمغرب كان أول سفير يزور مقر حزب العدالة والتنمية ويقابل رئيس الحكومة، وهي الزيارة التي اعتبرها المتتبعون مطمئنة وتبعث إشارات للجميع.
ترجمة نبيل الصديقي: عن يومية”ريشموند تايمز”-بتصرف-