الأميرة للا مريم تترأس حفلا بمناسبة الذكرى الـ25 لبرلمان الطفل
الدكتور حسن قرنفل
بعد أن غابت خلال الدورات الأخيرة من الموسم الماضي وخلال بداية هذا الموسم الكروي، طفت مؤخرا على السطح ظاهرة الشغب بالملاعب وخارجها، متسببة في العديد من أعمال التخريب والعنف بين الجماهير المغربية، كما حدث بمكناس والقنيطرة، حيث خرّب جمهور النادي القنيطري محطة القطار بالمدينة بعد منعهم من التنقل إلى الرباط. كما أن هناك مخاوف كثيرة من أن يخرج لقاء الديربي عن إطاره ويتسبب في أحداث شغب نحن في غنى عنها.
فيما يلي نص الحوار الذي أجراه موقع “أكورا” بالأستاذ حسن قرنفل، باحث في علم الاجتماع، للحديث معه عن هذه الظاهرة ومسبباتها والسبل الكفيلة بالحد منها.
– كيف تقاربون ظاهرة الشغب الرياضي من داخل علم الاجتماع؟
يمكننا الحديث عن الشغب الذي نلاحظه حاليا بالملاعب المغربية، كتعبير عن تذمر عام لإحدى الفئات المهمشة من طرف المجتمع ، والتي تشعر بالحاجة إلى التعبير عن تذمرها، دون أن تتوفر على إمكانيات أفضل لتلبية حاجياتها وتطويرها. وبالتالي، لا تجد أمامها سوى المناسبات الرياضية لتعبر عن ذاتها بهذه الطريقة، التي تعتبر طريقة متوحشة تؤذي الكثير من الأشخاص وتخرب ممتلكاتهم.
كما أننا حين نتأمل في الأشخاص الذين يكونون وراء أحداث الشغب، نرى أنهم ليسوا سوى قاصرين لم يبلغوا بعض السن القانوني بالإضافة إلى بعض الأطفال، حيث أنهم يكونون إما معبئين أو مؤطرين من طرف أشخاص يستغلونهم ويدفعون بهم للقيام بهذه الأعمال، كما تبين لنا هذه الظاهرة أن هناك عينة من الآباء لم تعد تعير اهتماما كبيرا لما يقوم به أبنائها خارج البيت، وبالتالي لا يراقبون سلوكاتهم قصد توجيههم ومنعهم من الانخراط في عمليات من هذا القبيل.
– هل يمكننا اعتبار هذه الظاهرة احتجاجا جماعيا وليس مجرد شغب؟
تحفل جميع المجتمعات الإنسانية بمجموعات ساخطة لسبب من الأسباب(اقتصادية أو اجتماعية…) ولكن التعبير عن الاحتجاج بهذا الشكل المتوحش (الضرب والجرح وتخريب ممتلكات الغير…) هو ما يضفي صبغة لا حضارية عليه.
كما يجب أن نعلم أن الرياضة مجال للفرجة والاستمتاع، ولا يجب أن تكون دافعا للاحتجاج، لأن للاحتجاج أماكنه وقنواته الخاصة به، لأن المتفرج حين يتوجه إلى الملاعب الرياضية ويدفع ثمن تذكرته فهو يبحث عن الفرجة والاستمتاع ، وبالتالي فمن حقه أن ينعم بذلك جو من الأمن.
وإذا ما تكررت أحداث الشغب، فسيكون لذلك نتائج وخيمة على الرياضة الوطنية، إذ يمكننا أن نشاهد مباريات دون جمهور، لأن الجمهور يريد الذهاب إلى الملعب وتتبع أحوال فريقه، لكن تكرار هذه الأحداث وازدياد حدتها، يجعل فئة كبيرة من الجمهور تفضل عدم التوجه إلى الملاعب.
– هل ترى أن هذا الشغب ما هو إلا تفريغ لمكبوتات سياسية واقتصادية؟
بطبيعة الحال، لكن ما يهمنا نحن هي عينات الأشخاص الذين يحركون أحداث الشغب، فهم في الغالب أشخاص تتراوح أعمارهم بين 14 و22 سنة، أشخاص تركوا مقاعد المدرسة أو أن تمدرسهم غير منتظم أو أنهم لا يزاولون أنشطة قارة أو أنهم بدون شغل قار، هم أشخاص دون برنامج حياتي محدد. لذا، فهم يستغلون فرصة التظاهرات الرياضية ليقوموا بأحداث الشغب كردة فعل على الوضع الذي يعيشونه.
– كيف ترى انتقال الشغب من ارتباطه بنتائج المباريات إلى شغب دائم بغض النظر عن النتيجة؟
هذا ما صرنا نلحظه مؤخرا في المغرب، في السابق كان يرتبط الشغب بالفرجة الرياضية، مثلا في حال هزيمة الفريق الضيف في عقر داره، كان هذا الأمر يثير المشجعين المحليين الذين ينخرطون في أعمال الشغب احتجاجا على أداء فريقهم.
لكننا أخيرا، صرنا نعيش على إيقاع أحداث الشغب مهما كانت نتيجة اللقاء أو مستواه أو أداء الفرق، فبمجرد ما يكون هناك حشد كبير من المتفرجين إلا واندلعت هذه الأحداث، وتكون هناك اصطدامات وأعمال تخريب، مما يجعلنا نطرح تساؤلا كبيرا حول مستقبل الرياضة بالمغرب كممارسة فرجوية تستمتع بها الآلاف من الجماهير.
– كيف السبيل إلى تجاوز هذه الظاهرة التي تؤثر كثيرا على المشهد الرياضي المغربي؟
يعتبر الشغب بالمغرب تعبيرا للمجتمع المغربي على نفسه. في حقيقة الأمر، هذا ليس تعبيرا نفتخر به لكن هذا هو واقع الحال،. غير أنه لا يمكننا أن نحمل مسؤولية الحد من هذه الظاهرة لطرف معين كقوات الأمن أو الآباء…، فهذا تعبير مجتمع بأكمله في مرحلة من المراحل.
يمكننا أن نفكر في بعض الحلول التي فكرت فيها دول أخرى ودول أخرى كالقيام بدورات تكوينية للجماهير…لك كل هذه الحلول تبقى نسبية أمام خطورة هذه الظاهرة وحدتها.
فما دام المجتمع يحبل بمجموعة فئات اجتماعية مهمشة، فإنها ستستمر في استغلال اللقاءات الرياضية للتعبير عن مكبوتاتها وسخطها وغضبها.
أجرى الحوار: نبيل الصديقي