فيضانات إسبانيا: سانشيز يعرب عن شكره للمملكة المغربية على دعمها لجهود الإغاثة في فالنسيا
خريطة الفوضى الخلاقة التي ابتلي بها العالم العربي منذ 2011 تبدو اليوم جلية للعالمين بكل تفاصيل الخراب والدمار، الفوضى الخلاقة أو الوجه الآخر للبديل الإسلامي شعاره المركز الإسلام هو الحل أعطت أكلها في سوريا ومصر وليبيا وتونس، المتأمل في الواقع السوري اليوم لم يعد يحصي أعداد القتلى والجرحى من أبناء الشعب السوري، بل يتأمل الخريطة المستقبلية لهذا البلد، القاعدة بفصيلها المركزي دولة العراق والشام بقيادة أميرها أبو بكر البغدادي تتجه لإعلان إمارة إسلامية في المناطق النفطية بعد نهاية رمضان، وفصيلها الآخر المنضم تحت راية جبهة النصرة يرفض إمارة أبو بكر البغدادي وإختار أحمد الجولاني أميرا له ويريد إمارة إسلامية خالية من شيعة البلد، والحزب الديمقراطي الكردستاني يتجه لإعلان استقلال كردستانسوريا بدعم من حزب العمال الكردستاني التركي، والأسد يعمل من أجل إعلان دولة تجمع أنصاره من المنحدرين من جبل علي بدعم من حزب الله وشيعة لبنان وإيران، وقطر تدعم فرع الإخوان المسلمين في سوريا من أجل إعلان دولة الإخوان في الشام والسلفيون أعلنوا الجهاد في سوريا من أجل إقامة نظام إسلامي سلفي في الشام.
الإسلام هو الحل والإسلام هو البديل وكل واحد يمني أنصاره بأن له الجنة، فالمسلم الإخواني إذا قتل مسلما من الشيعة فله الجنة والمسلم السلفي إذا قتل مسلما شيعيا فله الجنة و المسلم السني إذا قاتل نظام بشار فله الجنة، كلهم مسلمون و كلهم يعدون أنصارهم بالجنة و كل واحد فيهم يحتكر الإسلام لنفسه، أما سوريا البلد فلن تعود كما كانت، لن تعود سوريا الموحدة، لن تعود سوريا التعايش بين الأكراد والسنة والشيعة والمسيحيين ولن تعود سوريا المتعددة الأعراق، لقد أصبحت سوريا مقبرة للسوريين وغير السوريين، ضاعت وضاعت معها إمكانية الدمقرطة و التقدم و الحداثة و عادت الناس قرونا إلى الوراء، خرجت الناس من أجل دمقرطة البلد و لن تعود قبل أن تضيع كل شيء.
البديل الإسلامي انفرطت معه مصر المتعددة الأعراق و الديانات و عاشت الناس عاما من البديل الإسلامي الذي تحول إلى مشروع من أجل أخونة البلد و الآن تنزل الناس للشوارع من أجل عودة الإخواني الأول إلى الرئاسة، و السلفيون المصريون منقسمون جزء مع الإخوان و جزء مع الإنقاذ و الأقباط المسيحيون الذين يشكلون أكثر من 10% من سكان مصر، اختاروا ميدان التحرير و مصر الآن تضيع لأن الإخوان لا يؤمنون إلا بديمقراطية الإقتراع الأول الذي أدخلهم إلى قصر الإتحادية و كانوا يخططون كي لا يخرجوا إلا إذا أخرجهم الموت و لهم في إيران قدوة و عملوا كل ما في جهدهم لإستمالة الجيش المصري و تحييده كي لا ينتصر للشعب و يعمر الإخوان في الحكم و هم اليوم يقايضون وحدة مصر و استقرارها بعودة الإخوان، أعيدوا لنا مرسي أو نعلنها خرابا، هادوا هم الإخوان إما بديلهم أو الخراب و الموت و الدم و الدمار فلا صوت يعلوا فوق صوت الإخوان و البقية تتكلف به الجزيرة راعية أخونة المجتمع العربي.
من هنا تأتي أهمية الصراع من أجل عودة مرسي داخل مصر و خارجها، فبمجرد إزاحة مرسي زعيم الإخوان من عرش مصر تحركت فروع الإخوان في مجموع العالم العربي من أجل عودة الشرعية كما هو حال العدل و الإحسان في المغرب، و دفعت مريدي الجماعة من أجل استغلال المساجد في وقفات داعية إلى عودة حكم الإخوان في مصر، لكن وقفتها أبانت عن محدوديتها في حشد الشارع لأن الشعب المغربي يعرف الجماعة و يعرف الجماعات حق المعرفة و يعرف ديمقراطيتهم فلقد خبرها عقودا في المنظمات الجماهيرية، خبر ديمقراطية الرأي الواحد فلا صوت يعلو فوق صوت الإخوان.
الجماعة التي خبرت شارع 20 فبراير طوال أشهر انسحبت منه بمحض خاطرها لأنها وصلت إلى الحقيقة المرة، الشعب لا يريد الجماعة و لا يريد مخططات الجماعة و لا يريد مزايدات حلفاء الجماعة بل يريد تطورا ديمقراطيا طبيعيا يعزز التراكم الذي وصلت إليه البلاد منذ الإستقلال من أجل ترسيخ الثقافة الديمقراطية و الحراك و التدافع الديمقراطي و كلما جد جديد يعود الفرقاء إلى الشعب من أجل الإحتكام إليه فله الكلمة الأولى و الأخيرة و بين الإستحقاقين يعيش المغرب تمرينه الديمقراطي في البرلمان و خارج البرلمان بحيوية ترتفع و تخفت درجتها حسب أهمية موضوع التدافع.
العدل و الإحسان تعرف أن البديل الإسلامي و شعار الإسلام هو الحل فقد عذريته مع تحمل العدالة و التنمية للمسؤولية الحكومية و عدم نجاح حكومة بن كيران في تحقيق الرخاء الإقتصادي و الإجتماعي في أمد منضور يجعل هذا البديل قاب قوسين أو أدنى من الفشل لأن الإخوان لا يؤمنون إلا بديمقراطية المرحلة الأولى التي تمكنهم من الوصول إلى الحكم، فإذا وصلوا فلن يخرجوا منه إلا بالحديد و النار و الديمقراطية تكون آخر همهم، لذا تسعى العدل و الإحسان و تعمل من أجل إجهاض التجربة الحالية حتى يعود العدالة و التنمية إلى صفوف المعارضة و تعمل العدل و الإحسان عن الطريق الآخر، الطريق الإنقلابي من أجل ترسيخ البديل الإسلامي على الطريقة الإيرانية أي الدخول إلى الحكم و عدم الخروج إلى الأبد و التحكم في الرقاب و العباد بالحديد و النار كما كان مخططا له في مصر.
خروج حزب الإسقلال من الأغلبية الحكومية ومرحلة عدم الإستقرار الحكومي جعل براح الجماعة يخرج في قناة ” شاهد زور” ليبشرنا أن الوضع في المغرب قابل للإنفجار وأنه ينفجر هنا وهناك، والمناسبة هي تململ حركة تمرد المكونة من بعض مكونات المرحومة 20 فبراير التي فشلت في تحريك الشارع خارج مسار الخيار الديمقراطي والذي تسعى الجماعة اليوم إلى جرها إلى مسارها الشمولي عن طريق “العراضات المخدومة” لبعض أوساط اليسار لجرهم لمشروع أخونة الشارع في أفق أخونة المستقبل، لكن الجماعة لم تجد صدى إلا وسط الأصوات المبحوحة الفاقدة للإمتداد الشعبي بعد أن صحت الضمائر على ضوء تطور الأوضاع في المشرق العربي وظهور تناقضات أصحاب البدائل الشمولية من أجل إجهاض كل مشاريع بناء مجتمع عربي إسلامي ديمقراطي مؤمن بالحداثة والتقدم.
خرجة البراح هي في جزء منها موجهة إلى التنظيم الداخلي للعدل و الإحسان الذي تعيش انتكاسة داخلية منذ فشل مشروع جر الشعب خارج مسار الخيار الديمقراطي و تنبهالقوى الأساسية في البلاد إلى خطورة تزكية مشاريع غير الديمقراطيين لفرض مشروعهم الإستبدادي.
فبين فبراير 2011 و يوليوز 2013 تعرت كثير من المخططات وظهرت البدائل الشمولية على حقيقتها و الإسلام منها براء، لأن الشعوب العربية و الإسلامية ليست في حاجة إلى جماعات حتى تعرف أركان الإسلام و قواعد الدين و أن محاولات احتكار الثابث في الإسلام و الموروث المشترك من أجل إعطاء قدسية دينية لبرنامج سياسي اقتصادي اجتماعي قابل للنجاح كما هو قابل للفشل هو أكبر خطر على الديمقراطيات الناشئة حتى لا يكون فشل البرامج السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية للإسلاميين فشل للإسلام أو فشل للمقدس.
لكن العدل و الإحسان و غيرها من جماعات انقلاب إسلامي تدفع دفعا بالمقدس على أمل أن تصل إلى المبتغى، لكن ما يحصل اليوم في مصر عَرَّى أوراق الإخوان عن آخرها و دفع العدل و الإحسان إلى العودة إلى أيام التمني و دفعت البراح الذي طالما صرح و كذب و زور إعلاميا من أجل الجماعة و مشروع الجماعة و انقلاب الجماعة لكي يعود للساحة، لكنها عودة المهزوم الذي خرج في يوم من أيام الخريف من شارع 20 فبراير بعدما بارت كل المخططات و تبخرت كل الأحلام و جمعت الجماعة حريمها و غلمان بعض زعمائها و عادت إلى الزاوية تنصت إلى نبض شيخها إلى أن دفنته في انتظار أن تدفن مشروع دولة الخلافة، الجماعة تريد و الشعب يريد و الشعب فعال لما يريد.