يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
كالعادة و ككل مرة تنهال علينا منظمة اليونسكو بوابل من الانتقادات اللاذعة ،وترغمنا بكل خنوع على الركون في ذيل التنمية،بسبب الفشل المروع الذي يعرفه قطاعنا التربوي،والمتمثل أساسا في عجز معظم المتعلمين عن اكتساب الكفايات و المهارات الأساس الخاصة بالقراءة والكتابة والحساب،بهذا حجزنا لأنفسنا مكانا لا يليق و سمعة الوطن،في لائحة رفقة دول تتطاحن في حروب و تتضور جوعا،كيف يا ترى انهار تعليمنا وعاد إلى الحضيض،وكان فقط بالأمس مصدر ثروة قدمت العقول النيرة !
والغريب في الأمر أن المسئولين في قطاع التربية الوطنية،لم يخرجوا بأي بيان ينفي أو يؤكد ما جاء في ذلك التقرير المخجل،من جهة أخرى سيتبادر إلى ذهننا سؤال مباشر يقول : ما سبب تمكن أقل من نصف المتعلمين فقط من الكفايات الأساس ؟ بغرض الإجابة عن هذا السؤال،علينا مناقشة الثالوث التالي : المدرس،المنهاج،المتعلم؛ هذا الأخير أي المتعلم هو أرضية تحتاج إلى جهد جهيد من أجل التهيئة قبل عملية الزرع { تثبيت الموارد والمعارف}،فإن كان فاقد الشيء لا يعطيه،فلن نستطيع محاسبة المتعلم الذي يقطع كيلومترات على رجليه وأحيانا حافيا بغرض الوصول إلى المدرسة،فيلج الفصل و هو متعب شبه نائم،ناهيك عن الصقيع و البرد الذي يفتح شقوقا في يديه،فكيف سيتابع سير الدرس و هل سيستطيع رفع القلم وتحريكه من أجل كتابة بعض الحروف أو الأرقام ؟؟
هذا هو حال المتعلمين عندنا في عالمنا النائي و يبقى المحظوظ من وجد قسما متكاملا،على الأقل له أربعة جدران لازالت صامدة و طاولة يجلس عليها،إذن لا يمكننا الحديث عن نجاح السير الدراسي إلا في حالة التدخل لإنقاذ المحرومين و توفير شروط الدراسة المريحة :{ تجميع المتعلمين المعزولين في داخليات توفر الأكل والمبيت…}تكون قرب المدارس،وبلا شك ستؤمن الاستعداد النفسي و السيكوحركي للمتعلم،فيكون بقدرة القادر متابعا ومندمجا بشكل لائق رفقة أقرانه.
الحديث حول ما يدرسه المتعلم في الفصل يدفعنا إلى الاستفسار عن مدى ملاءمة تلك المناهج لوسطه وقدراته وكذلك ميولاته،فطبيعي أن لا ينجذب إلى ما لا يثير فضوله أو لا يجعله متحركا،حيث يمقت الجلوس كصندوق ينتظر الشحن ثم تتلاشى حمولته من المعارف بمجرد خروجه من الفصل الدراسي،وان حاول التعامل مع إحدى الوضعيات في مجتمعه يعجز عن التعبير والحراك،فيسمع وابلا من القصف {شنو كدير فالمدرسة…} لذا فعلى كل من يساهم في وضع أي كتاب مدرسي أن يحاول أولا، استحضار التنوع الذي يزخر به الوطن من حيث الطبيعة الجغرافية والإرث الثقافي،كذلك طبيعة الفصل هل هو مستقل أم متعدد…، فأغلب متعلمي العالم القروي في المستويات الأولى لا ينعمون بتعليم أولي مما يصعب عليهم مسايرة المقررات الدراسية.
تبقى من الثالوث العنصر المحوري،هو المدرس الذي يتوجب بكل واقعية إعادة النظر في طريقة انتقائه و تكوينه،لأن مسألة تدريس المتعلم و إعداده أخلاقيا وفكريا،ليس بالأمر الهين،لأنه لابد من تقدير تلك المسئولية الجسيمة الملقاة على عاتقه،فهي تتطلب تكوينا متكاملا و صبرا على المشقة،حيث أن عملية تهيئ المتعلم ليصير مواطن الغد المحترم والمساهم في التمنية هي الهدف الأسمى الذي نسعى له جميعا،وفي جميع الأحوال يبقى المدرس مثل سائر الموظفين يستحق راتبا محترما و تعويضا عن الأخطار التي تحدق به أثناء مزولته لمهنته النبيلة.
هكذا نكون باختصار قد وضعنا بعض النقط البارزة فوق الحروف،محاولين كذلك إظهار البعض من مكامن الخلل و اقتراح حلول لها،ثم لا نغفل الدور الاستراتيجي الذي تلعبه الأسرة في تحفيز أبنائها على العطاء و الاجتهاد،إذن فالكل مسئول عن الفشل ولا أحد يحق له ادعاء البراءة،وهنا نحن أمام خيارين مصيريين إما أن نتعاون و نتحد جميعا من أجل الارتقاء بتعليمنا أو نتخاذل ونتكاسل فنحافظ على مراتبنا مخجلة رفقة جيبوتي وما جاورها،فماذا سنختار إذن ؟