بالصور: تفاصيل احتفاء أسرة الأمن الوطني بأبنائها المتفوقين دراسيا ورياضيا وفنيا
كما هو معلوم لم تقتصر طموحات قطر، الإمارة الخليجية الصغيرة التي لا يتجاوز تعداد سكانها 3 ملايين نسمة، في انتزاع نفوذ على المستوى السياسي والتجاري فحسب، بل كانت الرياضة أحد الأبواب الإستراتيجية التي أرادت الدوحة طرقها بقوة لمقارعة كبار العالم. وعبر الرياضة نجحت قطر في السنوات الأخيرة في تغيير صورة نمطية كانت تطاردها، كإمارة في قلب صحراء الخليج، إلى دولة حظيت باعتراف الأسرة الدولية على قدرتها في تنظيم تظاهرات دولية كبرى، بغض النظر عمّا قيل وكتب حول مدى نزاهة الكيفية التي حصلت بها قطر على شرف هذه التظاهرة أو تلك.
سخّرت الدوحة في سبيل أن تتحول إلى “قوة رياضية كبرى” ميزانيات ضخمة تهون مقابل هدف أن تصبح أشبه بـ”مكة الرياضة والرياضيين”، كما كتب موقع “20 min” النمساوي في 29 من يناير/ كانون الأول 2015. وهذا لا يقتصر على كرة القدم فحسب، والذي كان أول المجالات التي تسللت إليها قطر، سواء أولا كراعي لكبريات الأندية وعلى رأسها نادي برشلونة الذي يحمل لاعبوه قمصان “الخطوط القطرية” لسنوات، في صفقة جنا منها النادي 100 مليون يورو، أو كأول دولة عربية تحتضن بطولة كأس العالم 2022، رغم الانتقادات الشديدة التي وجهت إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم بسبب اختياره هذا والشكوك التي حامت حول قيام قطر بشراء هذا الشرف بأموال لا تنقطع. وهي اتهامات تنفيها قطر كما أن الاتحاد الدولي لكرة القدم/ فيفا وعبر لجنة القيم التابعة له لم يجد أي براهين تؤكد ذلك.
تظاهرات عالمية في شتى المجالات
طريق قطر نحو التحول إلى “قوة رياضية عالمية” دشنتها مع إطلاق بطولة الدوحة للتنس في عام 1993. تلتها بعد خمس سنوات بطولة الأساتذة، لتتوافد على البلاد بطولات عالمية في شتى المجالات: السباحة 2014، كرة اليد 2015، بطولة العالم للمعاقين 2015، للبولينغ 2016، ناهيك عن البطولات العالمية الدورية كبطولة التنس المفتوحة كما سبق الذكر، وبطولة الغولف وسكواتش والدراجات الهوائية والنارية، ورالي باجا، وبطولة سباق القوارب وغيرها.
ولأن هذا لا يشبع الطموح القطري، سارعت الدولة الخليجية أيضا إلى انتزاع حق تنظيم بطولة العالم للجمباز لعام 20188، وبطولة ألعاب القوى. فقط عالم الفورمولا والألعاب الأولمبية بقيت عصية على قطر رغم المحاولات الهائلة التي باءت بالفشل.
ويأتي ذلك بعد أن رفض يرني إيكلستون، مالك الحقوق التجارية لبطولة العالم لسباقات الفورمولا 11، قد رفض في عام 2015 إضافة سباق ثالث في منطقة الشرق الأوسط بعد سباق أبو ظبي والبحرين. أما بخصوص البطولة الأولمبية فقد رشحت الدوحة نفسها لتنظيم دورتي 2016 و2020 لكن اللجنة الأولمبية رفضت طلبها هذا، عازيةً ذلك لأسباب “تقنية”، بينما لم تسأم الدوحة يوما. وخرج الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، أمين عام اللجنة الأولمبية القطرية، ليقول للصحافيين حينها: “إذا لم ننجح في 2024، ففي عام 2028 أو 2032″، متابعا: “نحن لا نخطط ولا نشيد البنى التحتية هكذا!”.
ويأتي ذلك بعد أن إِسْتِنْكَار يرني إيكلستون، مالك الحقوق التجارية لبطولة دُوِّلَ الْكُرَةُ الْأَرْضِيَّةُ لسباقات الفورمولا 1، قد إِسْتِنْكَار في سنة 20الخامسة عشر إضافة سباق ثالث في منطقة الشرق الأوسط بعد سباق أبو ظبي والبحرين. أما بخصوص البطولة الأولمبية فقد رشحت الدوحة نفسها لتنظيم دورتي 2016 و2020 لكن اللجنة الأولمبية رفضت طلبها هذا، عازيةً ذلك لأسباب “تقنية”، بينما لم تسأم الدوحة يوما. وخرج الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، أمين سنة اللجنة الأولمبية القطرية، ليقول للصحافيين حينها: “إذا لم ننجح في 2024، ففي سنة 2028 أو 2032″، متابعا: “نحن لا نخطط ولا نشيد البنى التحتية هكذا!”.
“مكة الرياضيين” على محك المقاطعة
الآن، وبعد إعلان عدد من الدول الخليجية والعربية مقاطعتها لقطر، ربما تكون جهود قطر “الرياضية” قد دخلت في نفق مظلم يصعب الخروج منه. فتهمة “دعم الإرهاب”، التي وجهتها السعودية والإمارات وغيرها لقطر وبنت عليها قرار المقاطعة، يضاف إلى قائمة اتهامات أخرى طاردت الدولة الطموحة في مدرجها نحو “العالمية الرياضية”، وبدت آثار ذلك تظهر في شدة التصريحات كما هو الشأن بالنسبة لما أعلن عنه رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم راينهارد غريندل، الذي لم يستبعد مقاطعة مونديال قطر، مشددا أن البطولات الكبرى “لا يمكن أن تُلْعَب في بلدان ناشطة في دعم الإرهاب”.
الفارق بين اليوم والأمس، ليس فقط انعكاسات هذه الأزمة على الاقتصاد القطري وبالتالي على القطاع الرياضي فحسب، وإنما نظرا لطبيعة التهمة وإيقاعها على الرأي العام الغربي على وجه التحديد. فإلى غاية اللحظة كانت تهم الرشاوى أقصى ما تعرضت له الدوحة وهي تهم لم ينجح أحد على تأكيدها بحجج دامغة إلى غاية اللحظة. بعض هذه التصريحات كان ناريا بشكل استثنائي ليس فقط حول مونديال 2022، وإنما أيضا ملف بطولة ألعاب القوى حين نسب إلى رئيس اتحاد ألعاب القوى البريطاني سيباستيان كو عن “وجود ملفات بنية مليئة بالمال” وزعت خلال اختيار قطر.
تصريحات كهذه وأخرى أطلقتها منظمات حقوقية حول وضعية عاملي البناء في المنشآت والملاعب الرياضية، إضافة إلى تنديدات بخصوص نظام الكفالة، قوبلت على الجانب الآخر بإشادات بالدور الذي تلعبه الدوحة للتهوض بالرياضة العالمية. فالمسؤولون مثلا في فريقي شالكه وبايرن ميونيخ من أكثر المصادر ترحيبا في الدوري الألماني لكرة القدم بالتطور الهائل الذي قطعته الدوحة في هذا المجال. وكثير ما حل الناديان ضيوفا على قطر، مستفيدين من طقسها ومن أموالها لقضاء المعسكر التدريبي الشتوي هناك. وحول وضع العاملين، الذي وصفته منظمة العفو الدولية، بأنه يعود إلى “القرون الوسطى”، علّق مدير الكرة بشالكه بالقول: “أعتقد أن القطريين بدؤوا يتحملون مسؤولياتهم”، في تصريح قوبل باستهجان في أوساط مشجعي الكرة الألمان.
ازدواجية المعايير بين ما هو تجاري ورياضي صرف، كان دائما محط انتقاد بين المشجعين في الغرب، غير أنه الآن بات صعبا على التجاريين -حتى ولو نجحت قطر في إبعاد تهمة الإرهاب عنها- من تجاهل هذه الانتقادات.