(أسامة طايع: 2m.ma)
توفي صباح اليوم الخميس، الملحن الكبير محمد بن عبد السلام، عن عمر ناهز 94 عامًا، بعد مسيرة فنية حافلة ترك خلالها بصمة لا تُمحى في تاريخ الموسيقى والغناء المغربي،إذ لم يكن الراحل فقط ملحنًا مبدعًا، بل كان مدرسة فنية تميزت بالتجديد والإبداع، ما جعله رمزًا خالدًا في الذاكرة الموسيقية المغربية و مصدر إلهام للأجيال القادمة.
محمد بن عبد السلام، الذي وُصف بـ”سيد الأغنية المغربية الزجلية”، كان أحد أعمدة الفن المغربي، وترك وراءه إرثًا غنيًا من الألحان التي أسهمت في تعزيز الهوية الموسيقية الوطنية. وعلى الرغم من اعتزاله الغناء والتلحين منذ عام 1992 إثر حادثة سير أقعدته عن العمل الفني، إلا أن تأثيره لا يزال حاضرًا في ذاكرة الفن المغربي.
مسيرة حافلة بالإنجازات
بدأت رحلة محمد بن عبد السلام الفنية عام 1952 مع أولى أغانيه “في الدرب”، التي غناها ولحنها بنفسه، تبعتها أغنية “يا لخاطف عقلي” من كلمات الفنان محمد حسن الجندي.
وقد التحق في نفس العام بجوق “راديو ماروك” بالرباط، مما أتاح له فرصة التميز والتألق في الساحة الفنية.
وفي عام 1953، كان أحد مؤسسي الجوق العصري للإذاعة، الذي مثل نقطة تحول كبيرة في مسيرته الموسيقية.
وأسس بن عبد السلام في بداية مسيرته ، جوق “الاتحاد السلاوي”، الذي نظم حفلات في مختلف المدن المغربية، وساهم بشكل بارز في إدماج المطربين في الأوبريتات الغنائية، من أبرز أعماله في هذا المجال أوبريت “مشروع بورقراق” ومحاورات غنائية مثل “التيلفون” و”أنت هاني”.
اكتشاف المواهب وتلحين الروائع
و لم يكن بن عبد السلام مجرد ملحن، بل كان مكتشفًا للمواهب أيضًا ، بل كان وراء شهرة العديد من الفنانين مثل بهيجة إدريس وأمينة إدريس، ومحمد الإدريسي، ونعيمة سميح، وإسماعيل أحمد. ومن أشهر أعماله: أغنية “الظروف” لعبد الهادي بلخياط، و”سولت عليك العود والناي” لإسماعيل أحمد، و”البحارة” لنعيمة سميح.
كما ساهم في دعم الفنان عبد الوهاب الدكالي، في بداياته الفنية، من خلال ألحان بارزة مثل “يالغادي فالطوموبيل” و”مول الخال”، وكان أيضا وراء نجاح أغنية “سيد القاضي” لبهيجة إدريس و”بلا محبة ما تكون عداوة”.
برحيل محمد بن عبد السلام، تفقد الساحة الفنية المغربية أحد أعمدتها وألمع نجومها، لكنه يترك وراءه إرثًا فنيًا سيظل شاهدًا على عبقريته ومحبته للفن ، و ستبقى ألحانه وأعماله خالدة في ذاكرة المغاربة، تعبر عن روح أصيلة وإبداع لا ينضب، لتظل مصدر فخر وإلهام للأجيال القادمة التي ستستمر في استلهام مسيرته الفنية الاستثنائية.