ذكرى ميلاد الأميرة للاحسناء: مناسبة لإبراز انخراط سموها الموصول في قضايا المحافظة على البيئة
بعد فوز حركة النهضة في تونس، عززت صناديقُ الاقتراع في كل من المغرب ومصر أيضا موقعَ الإسلاميين في الحياة السياسية. فكيف سيغيرون السياسة وكيف ستغيرهم، وما تأثير هذه التطورات على السياسة الأوروبية إزاء المنطقة العربية؟
بعد فوز أحزاب ذات توجه إسلامي في الانتخابات البرلمانية في كل من تونس والمغرب ومصر، يعقد البعض آمالاً على أن تنجح التيارات السياسية الإسلامية في قيادة مجتمعاتها نحو مستقبل أفضل. لكن في الوقت نفسه يثير صعود الحركات الإسلامية إلى سدة الحكم في عدد من دول الربيع العربي لدى البعض الآخر مخاوف من أن تقوم هذه الحركات باستغلال نفوذها السياسي الجديد من أجل المضي قدماً في تحقيق أهدافها الإيديولوجية. برنامج “مع الحدث” على قناة دويتشه فيله عربية ناقش أبرز التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية بعد الوصول إلى السلطة.
في هذا الإطار، يرى الدكتور فولكر بيرتس، مدير المعهد الألماني للسياسات الدولية والأمنية، أن التحدي الأكبر أمام الأحزاب الإسلامية هو الحكم في حد ذاته، والطريقة التي سيختارونها: الحكم بمفردهم أم ضمن ائتلاف معين. ويضيف في هذا السياق: “طبعاً طرح الإسلام هو الحل لم يعد يكفي، لأن عليهم الآن أن يتبعوا سياسات محددة لمواجهة البطالة والمشاكل الاجتماعية وللنهوض بالاقتصاد والسياحة”. ويشير إلى وجود مخاوف لدى هذه الأحزاب من أن تفشل نظرا لقلة خبرتها السياسية.
“تحسين الوضع الاقتصادي: أبرز التحديات”
وعلى صفحتنا على فيسبوك، اتفق القارئ خالد الجمرة مع رأي الخبير الألماني، معتبرا أن أصعب تحدي أمام الأحزاب الإسلامية هو “أن تتحول من المعارضة إلى أحزاب حاكمة”. كذلك أيد القارئ حسين العامل رأي بيرتس قائلاً: “برامجهم الانتخابية ستواجه تحديات التطبيق، فوهم الشعارات الإسلامية سرعان ما يتبدد عندما يصطدم بالواقع وتطلعات الجماهير التي تحلم بالرفاهية والحياة الكريمة الحرة”. ويرى القارئ هانز يوسف إيرنست أن أكبر تحدي هو “الوضع الاقتصادي والإحباط عند الشباب وتوفير فرص العمل، وكل هذا في إطار إنشاء مجتمع مدني وبناء ديمقراطية”.
بينما اعتبر القارئ أبو مالك حمصي أن أبرز التحديات التي تواجه الأحزاب الإسلامية بعد وصولها إلى السلطة هي “إعادة بناء دولة على أنقاض دولة عانت عشرات الأعوام من السرقة وبث قيم الغاب في المجتمع العربي”. أما القارئة سوزان العبود فرأت أن أصعب شيء هو “إبقاء الدولة مدنية”. وتخوف القارئ إلياس المرابط من فشل جديد، معتبراً أنه سيصبح “كارثة”. فيما اعتبر القارئ علي القيسي في تعليقه أن أكبر تحدي يكمن في “مواجهة فلول الحركات والأحزاب التي سيطرت على المشهد منذ 60 عام ومحاولات عرقلته وتشويهه”. ويرى القارئ عمار الحقب أن “التحديات تكمن في مدى قدرة الأحزاب على تحسين صورتها عند الغرب لأن الأنظمة العربية المستبدة شوهت هذه الأحزاب كثيرا، كما أنه على الأحزاب أن تدرك مدى التحولات الدولية وعلى الغرب أن يحسن النظرة من ناحيته”.
لكن الدكتور أسامة ياسين، عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة وعضو مجلس الشعب المنتخب، يؤكد أنه لا يخشى هذه التحديات، مشدداً على ثقته في خيارات الشعب المصري في الانتخابات التي يصفها بأنها “المليونيات التلقائية أمام صندوق الانتخاب”. ويعتبر أن هذه الانتخابات تعكس دور الشعب المصري “الذي سوف يتعاون مع أي قادم له سواء بشكل برلماني أو بشكل تنفيذي، حتى تمر مصر من هذه المرحلة الانتقالية وتعبر بأمان عنق الزجاجة”.
كما يعرب ياسين عن ثقته فيما وصفه ب”خبرة الإخوان المسلمين الطويلة في العمل الشعبي والمجتمعي والنقابي والمهني والطلابي”، والتي يقول إنها “دفعت الشعب لاختيار حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين.”
ويوضح عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة أن برنامج الحزب يقوم على”أربع كلمات وهي الحرية والعدالة والتنمية لتصل مصر للريادة” وذلك عن طريق الانتقال بالشعب من “الاقتصاد الريعي، الذي يكرس الاستبداد، إلى الاقتصاد المنتج وتوازن الدولة ما بين دور القطاع الخاص وامتلاك الدولة لأدوات الإنتاج التي لها علاقة بحياة المواطن اليومية” . ويقول في هذا الإطار: “نحن مدركون أن أي ثورة أتت إن لم تحمل معها برنامجاً تنموياً يمس حياة المواطن اليومية، فإن المواطن بعد قليل سيسخط عليها”، مستشهداً بما حدث في الثورة البرتقالية في أوكرانيا.
هل هناك صفقة خفية بين القوى الإسلامية والغرب؟
ويبدو أن الأحزاب الإسلامية ليست وحدها في مواجهة تحديات هذه المرحلة الانتقالية، حيث يرى بعض المراقبين أن الغرب أيضاً يواجه تحديات في حال وصول الأحزاب الإسلامية إلى السلطة. ويشير البعض في هذا السياق إلى أن لهجة الغرب قد تغيرت تجاه الحركات الإسلامية، بعد أن كانت في السابق تراها أحزاباً متشددة يجب إقصاؤها. لكن بيرتس يرى أنه من المبكر بعد التحدث عن “تعاون أو دعم من الغرب للأحزاب الإسلامية”. ويوضح أن سبب تغير اللهجة يرجع في المقام الأول إلى احترام الغرب للديمقراطية وما تأتي به من نتائج. ويضيف في هذا السياق: “عندما اُنتخبت حركة حماس وقعت أوروبا في خطأ كبير عندما رفضت التعامل معها، وبالتالي فالتعاون مع الأحزاب المنتخبة ليس مرتبطاً بلون الحزب أو بطبيعة الأحزاب التي ستفوز. نريد على كل حال أن نتحدث إلى هذه القوى”.
وكما يبدو أن هناك ترحيبا غربيا بنتائج الانتخابات وأن التعامل مع القوى الإسلامية أصبح مختلفاً، فإن موقف تلك الأحزاب الإسلامية ولهجتهم تجاه الغرب أيضاً قد تغيرت، ما دعا بعض المراقبين للقول بأن “هناك بعض الصفقات بين الدول الغربية والإسلاميين”. إلا أن أسامة ياسين ينفي تماماً حدوث مثل تلك الصفقات بين حزب الحرية والعدالة وأي زائر غربي، لكنه دعا الوقت نفسه إلى ربط علاقات متوازنة بين القوى الإسلامية والعالم الغربي قائلاً: “هذه العلاقة المتوازنة لا تقوم على أن يهيمن طرف ما على الطرف الآخر، لكن أن يقوم على الاحترام المتبادل بين الطرفين واحترام خيارات الشعوب واحترام نتائج صندوق الانتخاب، وأن تكون علاقات متوازنة تقوم على المشتركات”.
ويؤيد القارئ طارق عزاوي فكرة وجود صفقة بين القوى الإسلامية في تعليقه في صفحتنا على فيسبوك، بينما يرفض القارئ علي القيسي هذا الرأي قائلا: “إنها نظرية المؤامرة التي عيشتنا فيها الأحزاب التي سيطرة على المشهد 60 عام وفشلت فشلا ذريعا. لا توجد صفقات بل قناعة أوروبية تحترم الديمقراطية التي أتى من خلالها الإسلاميون”. ويوافقه الرأي القارئ فهد مرتيني الذي يرى أن “تأييد الغرب ناجم عن وعي الحكومات الغربية بإعطاء فرصة للإسلاميين لتجنيبهم التطرف”، لافتا إلى “أن الحكومات الدكتاتورية العربية، التي دعمها الغرب، هي من أنتج تلك الأصوليات المتطرفة بشكل مباشر أو غير مباشر عبر دفعها للتطرف من لا يستطيع التكيف مع مظاهر الفساد”.أما القارئ أحمد طفيلي فهو يرى أن “المصالح هي بالتأكيد التي تحكم مواقف الدول الأوروبية”.
قلق من جانب الليبراليين
ورغم التطمينات التي تعطيها الأحزاب الإسلامية للغرب وللقوى الليبرالية داخل البلاد، إلا أن القلق لا يزال موجودا. الدكتور أحمد بوعزي، عضو المكتب التنفيذي للهيئة السياسية في الحزب الديمقراطي التقدمي في تونس، يشير إلى أن القوى الليبرالية تخشى من تحول في ظروف حياتها، قائلا: “هناك بوادر ظهرت ممن نسميهم بالسلفيين وهم في الحقيقة الذراع الميداني لحزب النهضة فيما يخص الجامعة وحق المنقبات في اجتياز الامتحانات بدون إظهار وجوههن حتى يتعرف عليهن الأساتذة وربما غلق بعض المحلات كما حدث بالنسبة للماخورات ولسنا ندري أين ستقف هذه التصرفات فيما يخص السياحة”.
لكنه يرى أن الخطر الأكبر في نظر الحزب الديمقراطي التقدمي، وهو أحد أحزاب المعارضة في المجلس التأسيسي التونسي، هو خوف من محاولة أن تؤول كل السلطات إلى يد الوزير الأول المنتمي لحزب الأغلبية، حسبما تقدمت به حركة النهضة في مقترحها الذي يطلق عليه الدستور الصغير.ويوضح بوعزي أن حزب النهضة ركز تقريباً كل السلطات في يد الوزير الأول: البرلمانية التشريعية والسلطة التنفيذية وحتى السلطة القضائية، حيث اقترحت تسمية المجلس الأعلى للقضاء من طرف الوزير الأول. ويضيف في هذا السياق: “نحن نعتقد أن هذا الاتجاه يذكرنا بالاستبداد الذي ولدت من رحمه كل الحركات الإسلامية في العالم العربي، ولدت كلها من الديكتاتوريات”.
هذا الاستغلال للسلطة هو ما تخشاه أيضاً أوروبا كما يوضح بيرتس قائلا: “إن هذه القوى لم تتعلم شيئاً آخر سوى القبول بالاستبداد وممارسته”. ويشدد الخبير الألماني على أن الخوف الأكبر لدى الغرب يرجع إلى احتمال أن تفشل الحكومات المنتخبة في تذليل العقبات نظراً لقلة خبرتها على أرض الواقع، فيستمر الوضع السيئ للشباب، وتستمر البطالة والمشاكل الاقتصادية، ما قد يدفع الشعب في الانتخابات المقبلة إلى التوجه نحو القوى الراديكالية السلفية.
لكن ياسين يرى من جانبه أن هذا الاستبداد دعمه الغرب عندما دعم أنظمة مستبدة ديكتاتورية لعقود طويلة، مشيرا إلى أن “هذه التركة الثقيلة من المشكلات ما هي إلا نتاج هذا الاستبداد وأن الشعوب العربية عندما خرجت تطالب بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية خرجت لتثور على الاستبداد”.
ويلفت عضو حزب الحرية والعدالة إلى أن “النظام المستبد طالما روج للغرب أنه إما أن يكون مستقراً ويدعم الاستقرار أو أن الفوضى سوف تنشأ”. من ناحية أخرى، يوضح ياسين أن صندوق الانتخابات يعكس الوزن النسبي للقوى السياسية على الأرض، مشددا على أن الوزن السياسي لكل قوة يتغير من انتخاب لآخر.
وتباينت آراء مستخدمي صفحتنا على الفيسبوك حول هذه النقطة، إلا أن معظم المشاركين أكدوا على ضرورة إعطاء الأحزاب الإسلامية الفرصة. وفي سياق متصل يقول القارئ علي القيسي إن “العالم العربي جرَّب منذ نهاية الحكم العثماني في عام 1924 إلى اليوم كل الإيديولوجيات والعقائد والأنظمة المتنوعة، لكنها أخفقت ولم ترق بالوطن العربي ولا بشعوبه إلى حيز الدول المتقدمة والحضارية، ولم تجرب التيارات الإسلامية وجماعاتها في دولنا العربية في قيادة أي دولة منها، حتى يحكم عليها بالإخفاق أو السقوط”. أما القارئ تامر مبروك فيعتبر “صعود المتأسلمين بمصر مشكلة لأنهم لن يطبقوا شرع الله بل شرع مصالحهم الخاص بدليل تكفيرهم لنا كليبراليين”.
أكورا بريس: عن موقع دويتشه فيله