يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
لا شيء يجمع “البيجيدي” مع “البام”، إنهما على طرفي نقيض واحد في الشرق و الآخر في الغرب. لكن بعد إعلان لوائح ترشيحاتهم بدا أن لهما خاصية مشتركة هي التحليق في السماء وعدم إدراك واقع الأشياء حول قدرة كل حزب منهم على حصد نتائج بعيدة المنال.
بيد الله يحلم بأن “البام” سوف يحصل على 80 مقعدا في اقتراع 25 نوفمبر، علما أن الحزب لم يرشح من الماكينة الانتخابية إلا 21 برلمانيا، وأن كل المرشحين الجدد غير متمرسين، وأن النزيف الذي تعرض له الحزب جعل كثير من التراكتوريين يغادرون إلى أحزاب أخرى منهم اليساري واليميني والأخضر واليابس، الكتلوي والوفاقي، ومع ذلك يمني النفس ب 80 مقعدا التي تعطيه الحق في الحصول على الرتبة الأولى.
كل المتتبعين يعرفون أن “البام” داخل مايل إلى خيمة 25 نوفمبر، وإذا حصل على أكثر من 20 مقعدا فبيد الله يكون قد ربح حزبا بحجم حقيقي، فليتواضع بيد الله قبل أن تأتيه صدمة رياح نونبر الآتية من سماء ممطرة.
ففي مدينة المحمدية التي لم يحصل فيها العدالة والتنمية على منتخب جماعي واحد في الإنتخابات الجماعية الأخيرة بعد انسحاب كل الحزبيين من الحزب بفعل التطاحن حول المراتب الأمامية في اللوائح الإنتخابية، وتراجع الحزب بشكل بين منذ 2009، تم استدراج رئيس المجلس الوطني للحزب و ترشيحه باعتباره أحد القادة الوازنين في الحزب على أمل استرجاع الماكينة لوهجها، لكن بعد ثمانية أيام من الحملة ظهر الواقع الصادم، ثلاثة تجمعات انتخابية لم تستقطب بكاملها أكثر من 300 شخص. الماكينة المحلية على علاتها لم تنخرط بالكامل والرجل كان برلمانيا في الحي الحسني، حيث الماكينة لازالت تدور بالكامل ويتولى الحزب فيها تسيير الجماعة في إطار تحالف مع الإتحاد الدستوري والبام ويملك فيها كل حظوظ النجاح أكثر، وسمعته كانت وستبقى طيبة بين السكان، لكن المعتصم بالله الحاكم بدار الحزب بحي الليمون بالرباط لم يجد ما يضعف به غريمه في انتخابات الأمانة العامة إلا صراط الترشح في المحمدية التي لا حظوظ البتة فيها للحزب للحصول على مقعد.
الضحية سعد الدين العثماني، ضحية حسابات الزمن الحزبي الرديء فهم متأخرا أنه كان ضحية مقلب الأمانة العامة بقيادة بن كيران، فلجأ إلى رصيد المختار السوسي ولا يلعب الآن إلا بورقة الانتماء إلى سوس العالمة، وإلى أبناء سوس في المحمدية لعل القبلية تعوض الحزبية في حملة غاب فيها البرنامج وحضرت لغة الجدور الأمازيغية “إيعاون ربي آدا سعد”.
أما في البيضاء فالذي خرج مائلا من خيمة بن كيران في البرنوصي بفعل الانسحابات التي عرفها الحزب احتجاجا على ترشيحه، وفي مقدمتهم رجال الماكينة الإنتخابية للحزب على رأسهم محمد المرجاني، الذي ترشح بإسم حزب الفضيلة وأصبح المنافس الأول لمحمد يتيم نقابي العدالة والتنمية، وتبين له الآن أنه ترك مقعد مضمون في بني ملال لفائدة لحسن الدوادي وترشح بالبيضاء حيث يتكسر طموحه في العودة إلى مقهى باليمة بالرباط.
غير بعيد عن البرنوصي يعيش مرشح العدالة والتنمية في دائرة الموت بالفداء أول إنتخابات بماكينة تأثرت بظلم ذوي القربى، الذين كانوا يطمحون في ترشيح أطر حزبية أخرى أكثر التصاقا بهم وبمسانديهم وسط الشعب.
ونفس الأمر ينسحب على مرشح الحزب في دائرة سيدي عثمان مولاي رشيد، الذي يعاني من عدم الانخراط الكبير لبارون الحزب الجماعي وإن كان أن حظوظه لازالت وافرة.
نفس الأمر ينسحب على كثير من المُنَزَّلِينْ في دوائر أخرى كتطوان، صخيرات، تمارة، الحاجب، العرائش، سطات، الرباط أكدال-الرياض بالإضافة إلى المتقهقرين في دوائر أخرى كالفقيه بن صالح والجديدة وعين الشق بالبيضاء، وفاس الشمالية. فإذا كان بن كيران دخل الإنتخابات بمتمرسين أقل وبمرشحين مرفوضين تنظيميا في أكثر من دائرة وبرصيد شعبي في تآكل منذ 2007 بفعل سقوط الحزب في فخ المساعدة الاجتماعية وعمل القرب ولجوء الحزب كباقي الأحزاب إلى أعيان من صنف خاص كحالة عبد المولى عبد العالي في سيدي قاسم، الذي يلاقي رفضا تنظيميا داخليا باعتبار أنه يسير أسطولا من البواخر التجارية التي تقدم الخمر لزبنائها من المسلمين وغير المسلمين، وفي تناقض صريح مع الخلفية الدينية للحزب.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار التناقض المنتظر للأصوات التابعة للعدل والإحسان والتيار السلفي التي استفاد منها الحزب في الاستحقاقات السابقة، يظهر أن استراتيجية بن كيران لن تمكن غريمه بيد الله من الحصول على 80 مقعد، وأن خيار بويا عمر يبقى محتملا إذا كان بن كيران يؤمن فعلا بأنه سوف يحصل على 80 مقعدا. أما إذا كان الأمر من باب إطلاق الكلام على عواهنه فإن صدمة ما بعد 25 نوفمبر ستكون مخففة، وإن كان أن كل من الحزبين الغريمين سيربح جيلا جديدا من القادة السياسيين الشباب المتطلعين إلى صنع مستقبل أفضل بعيدا عن تراكمات الصراع بين بعض القادة المؤسسين في التنظيمين.
أكورا بريس