الذاكرة الجماعية للمغاربة تعطي لِلَّذي يكثر من الزلات تسمية “بوزبايل” وبوزبايل كلمة غير عربية بل هي دخيلة على المعجم العربي وآتية من اللغة الإيطالية ومشتقة من كلمة “زبالياطو” التي تعني صاحب الزلات التي لا تنقطع، وهو حال العدالة والتنمية الذي وضع نصب عينيه رئاسة الحكومة، وهذا حقه وحق كل حزب سياسي غير أن أسلوب الوصول إلى الهدف الذي حددته قيادة العدالة والتنمية بالانقضاض على الحكومة هو المعيب، حزب العدالة والتنمية بقيادة زبالياطو وللوصول إلى هدفه من الناحية النظرية فهو مطالب بأن يحتكم إلى أحد خطين
– الخط الديمقراطي الذي يفترض الحصول على المساندة الشعبية ليس للحصول على الأغلبية بل فقط للحصول على صفة الحزب الأول حتى يتم تنفيذ مقتضيات الدستور لكي يتحمل أحد مسؤوليه رئاسة الحكومة.
– الخط الانقلابي باللجوء إلى وسائل غير ديمقراطية عسكرية أو غير عسكرية من أجل الوصول إلى الهدف في ظل غياب شروط دنيا لنجاح الخيار الثاني ولو على المدى البعيد حتى ولو جند قادة العدالة والتنمية كل قدماء الشبيبة الإسلامية الذين تدربوا في الجزائر وليبيا ولبنان وسوريا وكذا كل قدماء الجهاديين في أفغانستان الذين تدافع عن قضاياهم الخاسرة صحافة وحقوقيي الحزب فإن حزب العدالة والتنمية مجبر بالاحتكام للشعب
حزب العدالة والتنمية يراهن على الحوار مع الدولة حتى تفرش له طريق رئاسة الحكومة من الآن بالورود عوض أن ينزل الحزب أمام الرأي العام ويطرح برنامجه العام الذي يريد أن يحكم به غد المغاربة
على بعد أقل من ثلاثة أشهر من أهم استحقاق انتخابي يرهن مستقبل المغاربة لخمس سنوات قادمة اختار حزب العدالة والتنمية الذي يعتبر نفسه نواة البديل الحكومي المنتظر أن يخاطب المغاربة من خلال حصر مشاكل المغرب في مكونات اللائحة الوطنية وعدد مقاعد مجلس النواب ومن يطبع البطائق الانتخابية ويعلن نتائج الاقتراع، نقطة ضعف الاستراتيجية المعتمدة من طرف الحزب أنه لا زال نخبويا في تعاطيه مع الشأن العام، وأنه لا يملك تصورا واضحا قابلا للتطبيق حول المشاكل الكبرى للمغرب، ففي فرنسا وعلى بعد سنة من الرئاسيات الفرنسية يعيش الرأي العام الفرنسي يوميا مع كبار الشخصيات الساعية إلى الترشيح على وقع تصورهم لملامسة القضايا العامة وفي مقدمتها معالجة الأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد العالمي بالإضافة إلى التطبيب، الشغل، الصحة والتعليم، كل أسبوع نجد هذا أو ذاك في النخبة الفرنسية يعقد لقاء داخلي أو عام من أجل طرح تصوره الذي يعكسه الإعلام في بلاده ويكون موضوع نقاش سياسي عميق من طرف المواطنين
الهيئة الناخبة الفرنسية تخضع من الآن لعملية تربية وتحسيس سياسي ممركزة ولها أكثر من عام حتى تتبين الغث من سمين البرامج المطروحة عوض أن تتم المباغتة ببرنامج سياسي لا يملك من الحجية إلا لحية صاحبه.
التوظيف السياسي للحي -من اللحية- رهان خاسر يمكن أن يكون مفيدا مرة أو مرتين ولكنه لا يشكل بديلا لصرامة ووضوح البرنامج الاقتصادي والاجتماعي لأن ما ينتظره المغاربة هو الحلول للمشاكل أما الرهان على الجانب الأخلاقي في الحكامة فهو رهان فيه اغتصاب لإرادة الناخبين فالمرشح لقيادة الحكومة غدا لن يكون الإسلام بل رهط من المسلمين له برامج قد تصيب وقد تخطئ ومن أصاب فلحزبه ومن أخطأ فعليه، لأنه لا يؤدي عملا تطوعيا بل مسؤولية سياسية يتقاضى أجرا عنها ويدبر أمر الناس وفي مقدمته تدبير المال العام، غير أن زبالياطو لا يظهر أنه يريد الديمقراطية ويتصور أنه في حاجة إلى توافق في الكواليس مع الدولة لكي يحكم البلاد بعيدا عن مشروعية وصراع الرأي العام
سر توجه زبالياطو السياسيين أنه يفتقد إلى الأطر ولا يملك تصورا لحل مشاكل المغاربة وحتى خبراء الاقتصاد الذين يتوفر عليهم الحزب وفي مقدمتهم لحسن الداودي نسوا دروس الاقتصاد وعوضوها باللغو السياسي فأصبح الناس لا يميزون بينه وبين الفقيه الحمداوي في الحركة، أن يكون الإنسان حاملا لكتاب الله وعارفا بسنة رسوله لا يجعله بالضرورة مؤهلا لحل مشاكل المغاربة في السكن والتطبيب والنقل والتعليم لأن الإشكال في المغرب الآن هو إيجاد الحلول وليس التأصيل الشرعي للحلول هل هي مواكبة للشرع أو مخالفة له
أكورا بريس