فيضانات إسبانيا: سانشيز يعرب عن شكره للمملكة المغربية على دعمها لجهود الإغاثة في فالنسيا
ارتباك فرنسا الرسمي في التعاطي مع زلة القاضية الفرنسية، خريس المكلفة بالتحقيق في شكاية الإنفصالي والظهور الموالي لشكاية البزناس والبوكسور، دفع أكثر من جهة رسمية فرنسية إلى الاعتذار علنا، وبالقنوات الدبلوماسية التقليدية، عن تهور أكثر من جهة رسمية فرنسية داخل وزارتي الداخلية والعدل في تنفيذ انتدابات قضائية فيها خرق واضح لمقتضيات القانون الفرنسي وللأعراف والتقاليد الدبلوماسية.
التقييم الفرنسي الداخلي كما ورد على لسان وزير الخارجية، لوران فابيوس خلص إلى وجود اختلالات مست جوهر مبدأ استقلالية القضاء، وفي انتظار نتائج التحقيق المفترض أن تجريه مؤسسات السلطة القضائية الفرنسية حول التجاوزات المسطرية المعيبة التي اتبعت في التعاطي مع شكاية موجهة ضد مسؤول مغربي، تسعى فرنسا إلى الإجابة على سؤال جوهري من يسعى إلى توريط فرنسا في مطب العدالة الكونية الذي يجعل فرنسا تتورط في لعبة الإختصاص الكوني الذي تتجه اسبانيا إلى الخروج من مستنقعه.
هناك عبارة بالغة الدلالة ألصقها أحد المتطوعين في لعبة العدالة الكونية عادل المطالسي، عندما كشف عن أطراف لم يسمها بأنها دفعته للقيام بما قام به، وأنه لا يمكنها أن تطلب منه أن يرجع إلى الوراء إلى آخر الحكي.
المعطى الثاني هو جهة إعلامية كانت من المتطوعين “لإخبار” الرأي العام بتوالي الشكايات، وكانت تروج للشكايات الآتية حتى قبل وضعها، وكانت تسعى إلى تسويق مفهوم “العدالة الكونية” لدى الرأي العام الوطني بْبُعْدِ “الدونيا هانيا آخاي“، وأنه لا ينتقص من السيادة الوطنية للمريكوس وأن دولة “المورو” ما عليها إلا أن تقبل بالأمر الواقع وأن تقبل “أحكام جاك على الجيلالي“
نفس الجهة الإعلامية بشرتنا قبل فوات الأوان بأن الشكاية المرفوعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة مع الإستفاضة في الشرح بأن البوليساريو يعمل منذ مدة للتأثير في الساحة السياسية الفرنسية لتقليل دعم باريس للمغرب في ملف الصحراء حتى تنحصر الإجابة على السؤال في تداعيات الصراع المغربي الجزائري حول الصحراء وتبعد الشبهة عن طرف بعينه ستكشف الأيام وبالتفاصيل دوره كخيط ناظم فيما جرى ويجري.
نفس الجهة ظهر أنها متبرمة من رغبة الحكومة الإسبانية في الخلاص بشكل سريع من فصول قانون مسطرتها الجنائية التي تعطي الحق للمحكمة الوطنية بمدريد في ممارسة هذا الإختصاص، وتراهن على الإشتراكيين الإسبان من أجل إجهاض هذا القانون الذي سنته اسبانيا للدفاع عن مصالحها في أمريكا اللاتينية، وبعض مستعمراتها السابقة حتى تمارس نفوذها البعدي عن طريق المتجنسين بجنسيتها من أجل جر كل المعادين أمام المحاكم الإسبانية، بعد أن تبين لكل الإستراتيجيين في الدولة الإيبيرية أن المجنسين سوف يُدْخِلُونَ مدريد في متاهة مواجهة دولتين عملاقتين من قبيل الصين الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية، وهو احتمال لم يكن جهابذة الدفاع عن المصالح الإسبانية يتوقعون أن يصل له اختصاصهم في إطار العدالة الكونية المفترى عليها.
السلطة التنفيذية الفرنسية برأت نفسها من كل محاولة للنيل من المغرب الصديق ومن مسؤول جهاز بعينه، واعتبرت أن القضاء في فرنسا مستقل على أساس قاعدة قانونية تلزم القاضي بإحترام القانون والضوابط القانونية، وتحاول الإجابة الآن على السؤال الإستراتيجي من هي الجهة التي تتحرك من أجل تحويل فرنسا إلى ساحة صراع بين أطراف اقليمية وجهات أخرى حول اشكالات لا دخل لفرنسا فيها ولها فيها موقف سياسي واضح والتزام دبلوماسي لا يمكنها أن تحيد عنه.
الطرف الإعلامي المتحمس للإختصاص الفرنسي بإسم العدالة الكونية حول الجرائم الإنسانية، و يتبرم اليوم من تخلص اسبانيا من نزوعاتها الإستعمارية بإسم الإختصاص الكوني، لم يتحرك يوما و هو الذي تتوفر فيه الشروط من أجل إقامة دعوى ضد الدولة الإسبانية على فضاعاتها التي ارتكبتها ضد المورو في الشمال و الحرب الكيماوية في الريف و حرب الإبادة الجماعية التي تعرض لها سكان المغرب الأولون في شمال المغرب.
الأطراف الإعلامية المتحمسة للإختصاص الكوني جلها إن لم نقل كلها تحمل جنسيات أجنبية و خصوصا الجنسية الفرنسية لم يتطوع واحد منهم بإسم مبدأ ” الجرائم ضد الإنسانية” ليحاسب بعض الأطراف الفرنسية على جرائمها ضد الإنسانية في أكثر من نقطة من المعمور.
منظمة العمل المسيحية ضد التعذيب لم يصلها أنين المسيحيين في العراق الذين مروا من أبو غريب فقط لأنهم كانوا أعضاء في حزب البعث العراقي، بدون الحديث عن المسلمين الذين سقطت عليهم الحضارة الإنسانية من السماء في الفلوجة، و لم تتحرك إنسانية العدالة الكونية للقصاص لهم إلا بعد أن وصلهم زمن داعش.
عندما يتعلق الأمر بالإنتماء للمغرب و الدفاع عن قضاياه و عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية كعمق استراتيجي للمغرب البلد العربي المسلم تخرس الألسن و ينتصر الجهابذة للآخر ولقضاياه ومصالحه الإستراتيجية.
هل حقوق الإنسان في حدها الأدنى وليس كما هو متعارف عليه دوليا محترمة في تندوف؟ وهل هي كذلك على أرض الجزائر حتى نطبل اليوم لإستراتيجية الإنفصال ودينامية دبلوماسيتها و ندعمها إعلاميا لكي تنال منا كمغرب ؟ إنه السؤال الذي يبقى بدون جواب.
فما الذي يجمع بين الإنفصالي والبوكسور والبزناس؟ أكيد أن الجواب الجاهز هو لا شيء و أن الناس تبحث عن العدالة الكونية بعد أن اقتنعت أنها عصية المنال في الإختصاص الترابي والجغرافي، إنه الجواب الجاهز ولكنه جواب يبقى سطحي وأن الطرف الإعلامي سوف يتفاجأ في قابل الأيام بقوة الجواب الحقيقي الذي تأسس على معطيات حقيقية قد تعززها الوقائع و أشياء أخرى حول الخيط الناظم.
ولننتظر نتائج البحث الفرنسي حول الأطراف التي سعت إلى توريط فرنسا في هذا المطب و التي تجد فرنسا صعوبة في لملمته وحصر تداعياته رغم اعتذاراتها العلنية والخاصة، حتى يعرف المغاربة من هو هذا الذي يطرق كل الأبواب من أجل تركيع المغرب، ولو بالكذب بعد تجنيده لكومبارس في الداخل و الخارج حتى ينال المراد وحتى يتم نقض أحكام قضائية نهائية في المغرب أمام القضاء الفرنسي بإسم العدالة الكونية.
استراتيجية الخيط الناظم للنيل من المغرب كانت مبنية على توقعات تفترض رد فعل محتشم للدولة المغربية، لكن الرد المغربي الحاسم الذي ليس إلا في بداياته جعل كل الأطراف تقف على حقيقة الأشياء و أن الأمر لا يتعلق بموظف كبر أو صغر بل بكرامة دولة أكان القضاء الفرنسي مستقلا أو غير مستقل، لأن القبول بسابقة من هذا النوع فيه مس بالسيادة الوطنية للمغرب لأن العلاقات المغربية الفرنسية وصلت مستوى يعرف فيه كل طرف الطرف الآخر، وأن المشترك المسكوت عنه لم تحضر فيه المبادئ و القيم بل كان محكوما بالمصالح العليا للبلدين، وأن التصريحات الإعلامية حول استقلالية القضايا حدها “لاسين”، وأن القاضية الفرنسية سابين خيريس عندما حكمت في قضية كاراتشي وبرأت ساركوزي رغم أن الضحايا كلهم عسكريون فرنسيون فقد كانت تحكم بكل تجرد واستقلالية.